عملة حديدية جديدة في صنعاء... هل تُعمّق الانقسام النقدي في اليمن؟
في خطوة جديدة تعكس تعمق الانقسام النقدي في اليمن، أعلن البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي، عن إصدار عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالاً. وتأتي هذه الخطوة بعد إصدار مماثل لعملة معدنية من فئة 100 ريال في مارس 2024، بذريعة استبدال الأوراق النقدية التالفة وتحسين جودة النقد المتداول.
مبررات فنية... وأبعاد سياسية
برر البنك الحوثي الإصدار الجديد بأنه بديل مباشر للأوراق النقدية القديمة، مؤكدًا أنه لن يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية أو التأثير على سعر الصرف، الذي لا يزال مستقراً نسبياً في مناطق سيطرته (نحو 530 ريالاً للدولار). وأشار إلى أن العملة الجديدة صُممت وفق أعلى المواصفات الفنية والأمنية، وتتضمن معالم تراثية كصورة مسجد العيدروس في عدن.
خبراء: تكريس للانقسام وتحدٍ لجهود السلام
غير أن خبراء اقتصاديين حذروا من تداعيات هذه الخطوة، معتبرينها تحديًا اقتصاديًا وسياسيًا يعمّق الانقسام القائم منذ نقل البنك المركزي إلى عدن عام 2016. فبينما تعتمد صنعاء على الأوراق القديمة وترفض تداول الإصدارات الحديثة الصادرة من عدن، تعاني المناطق الحكومية من تدهور حاد في قيمة الريال نتيجة الطباعة المفرطة، حيث تجاوز سعر الدولار 2800 ريال.
عزلة مصرفية مرتقبة
قرار الإصدار دون تنسيق مع البنك المركزي بعدن قد يعزز عزلة القطاع المصرفي في صنعاء، خصوصًا في ظل محاولات الحكومة نقل المراكز الرئيسية للبنوك إلى عدن، وتهديدات بقطع أنظمتها عن شبكة "سويفت" العالمية.
الأثر على المواطن: تكاليف باهظة وتحويلات مشلولة
وسط هذا الانقسام، يتكبّد المواطن العادي الثمن الأكبر، خصوصًا مع ارتفاع رسوم التحويل بين المناطق إلى ما يفوق 70% من المبلغ، إضافة إلى القيود على السحب في صنعاء (100 ألف ريال شهريًا كحد أقصى). هذه السياسات تضعف القدرة الشرائية وتزيد الاعتماد على المساعدات الخارجية.
نظامان نقديان... وغياب الحل
إصدار عملات جديدة بمعزل عن الحكومة المعترف بها دولياً، قد يؤدي إلى ترسيخ اقتصادين متوازيين في بلد أنهكته الحرب والانقسام. ورغم أن هذه العملات قد تحل أزمة تلف الأوراق النقدية في مناطق الحوثيين، فإنها تُعد إجراءً أحاديًا يزيد من تعقيد الوضع المالي ويعرقل جهود توحيد النظام المصرفي.
الحل؟
يرى محللون أن الحل لا يكمن في إصدار عملات جديدة، بل في تنسيق السياسات النقدية بين أطراف الصراع، وإعادة تصدير النفط والغاز، وتعزيز الشفافية المالية، بدعم من المجتمع الدولي.